منتديات اكليل الورد ابــداع بلا حدود |
المواضيع الأخيرة | » كيف تحقق ذاتك...؟الجمعة سبتمبر 03, 2010 8:21 am من طرف زائر » رحم الله من قراء سورة الفاتحه لأرواح المؤمنين والمؤمناتالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:47 pm من طرف سعيد علي » سجل حضورك اليومي بالاستغفارالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:45 pm من طرف سعيد علي » سجل حضورك اليومي بالصلاة على محمد وال محمدالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:44 pm من طرف سعيد علي » سجل حضورك بزيارة عاشوراء الحسين عليه السلامالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:41 pm من طرف سعيد علي » سجل حضورك اليومي بزيارة أم البنين عليها السلام, لشفاء المرضى وقضاء الحاجاتالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:39 pm من طرف سعيد علي » ادعية الايامالأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:38 pm من طرف سعيد علي » ليتني نملة ((فلسفة حلوة ))الأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:36 pm من طرف سعيد علي » أحًبآْبـْنآ قآِسًيِنَ وْالآيآم هْيِ عًآدْاتًهَآ mms ~الأربعاء نوفمبر 04, 2009 11:23 pm من طرف سعيد علي |
|
| مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عاشق الحسين اكليل فعال
عدد الرسائل : 85 العمل/الترفيه : موظف تاريخ التسجيل : 07/09/2008
| موضوع: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الأحد ديسمبر 21, 2008 2:26 am | |
| [size=21]مقدّمة: اُتّهم الشيعة قديماً وحديثاً بسبّ الصحابة ولعنهم، وجرت عليهم بسبب هذه التهمة محن وآلام كثيرة. بعدما حكم عليهم بالكفر.الأمر الذي يجعل اللعن والتلاعن بين المسلمين ظاهرة تلفت نظر الكثيرين، وتجعلهم يتساءلون عن حقيقة اللعن من الناحية الشرعية، وحكمته وأبعاده المختلفة.والدراسة التي بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ محاولة جادة في هذا الاتجاه نحاول من خلالها تسليط الأضواء على مفهوم اللعن، في اللغة، وفي الكتاب والسنّة النبوية، وموقف مدرستي الخلفاء وأهل البيت(عليهم السلام) منه، بغية التوصل إلى النتائج المطلوبة في هذا المضمار، وأهمها تحقيق الحق في اتهام الشيعة بسبّ جميع الصحابة.مفهوم اللعن والفرق بينه وبين السبّ والشتمفي ضوء اللّغةقال الراغب الأصفهاني: (اللعن: الطرد والإبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره)(1).وقال الطريحي: (اللعن: الطرد من الرحمة... وكانت العرب إذا تمرّد الرجل منهم أبعدوه منهم وطردوه لئلاّ تلحقهم جرائره، فيقال: لعن بني فلان...)(2).وقال ابن الأثير في النهاية: (أصل اللعن: الطرد والإبعاد من الله، ومن الخلق السبّ والدعاء)(3). وعلى هذا الجوهري في صحاحه أيضاً(4).هذا هو المفهوم اللغوي للّعن، أما السبّ، فقال ابن الأثير: (السبّ: الشتم)(5).وكذلك قول الجوهري(6) والطريحي(7)، وابن منظور(، وكأنهما ـ أي السب والشتم ـ مترادفان، سوى ما ذكره الأصفهاني في المفردات هو: (أن السبّ: الشتم الوجيع)(9).والشتم عند الطريحي هو: (أن تصف الشيء بما هو إزراء ونقص)(10) وعند ابن منظور: (قبيح الكلام وليس فيه قذف)(11).وخلاصة الأمر أن اللّعن: إن كان من الله سبحانه فمعناه الطرد من الرحمة، وإن كان من الناس فمعناه الدعاء بالطرد، وبالتالي فهو شيء غير السب والشتم اللّذين يعنيان الكلام القبيح المستخدم في الذم والتنقيص.في ضوء القرآن الكريم:وكما فرّقت اللغة بين اللعن وبين السب والشتم، فرّق القرآن بينهما أيضاً، حيث نجده قد استخدم مادة (لعن) سبعاً وثلاثين مرة منسوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ومرّة واحدة منسوبة إلى الناس، وهذا الاستخدام بحد ذاته يدل على مشروعيته من حيث الأصل، بينما وردت مادة (سبَبَ) مرّة واحدة في سياق النهي وهي قوله تعالى: (ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً)(12).وهذا النهي يدل على قبح السب والشتم، ولو كان اللعن مشاركاً لهما في ذلك، لنهى القرآن الكريم عنه، فدلّ عدم نهيه عنه، واستخدامه له، ونسبته إلى الله سبحانه وتعالى سبعاً وثلاثين مرة في القرآن الكريم على أنه من ماهية صحيحة ومطلوبة ومشروعة.في ضوء السنّة الشريفةوإذا جئنا إلى السنّة النبوية وجدناها تشتمل على عشرات النصوص التي استخدم النبي (صلى الله عليه وآله) فيها اللعن، إزاء أعداء الرسالة من المشركين والمنافقين وأهل الكتاب، وإزاء حالات من المسلمين، يظهر فيها النبي (صلى الله عليه وآله) سخطه الشديد مما يقترفونه من مخالفات، أو تحذيره الشديد لهم من مقاربة الكبائر والموبقات، وقد أورد صاحب موسوعة أطراف الحديث النبوي في مادة (لعن) قريباً من ثلاثمائة عنوان حديث نبوي مصدّر بكلمة اللعن (13)، رغم أنه لم يوفق لجمع كل أحاديث هذا الباب، وفات عليه بعض مما هو مشهور فيه، كلعن النبي (صلى الله عليه وآله) للمتخلف عن جيش أُسامة(14).خصائص اللّعن والملعون في الكتاب والسنّةوحينما ننظر في آيات اللعن الواردة في القرآن الكريم نجدها على أربعة طوائف: فمنها آيات وجهت اللعن إلى إبليس، مثل قوله تعالى: (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)(15)، ومنها آيات وجهت اللعن إلى عموم الكافرين، مثل قوله تعالى: (إن الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً)(16)، ومنها آيات وجهت اللعن إلى أهل الكتاب عامة واليهود خاصة، مثل قوله تعالى: (لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم)(17)، والقسم الرابع منها صبت اللعنة فيه على عناوين سلوكية عامة تشمل المسلمين، مثل عنوان الكاذبين في قوله تعالى: (والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)(18)، وعنوان الظالمين، في قوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين)(19)، وعنوان إيذاء الرسول(صلى الله عليه وآله)، في قوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة)(20) وعنوان رمي المحصنات، في قوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة)(21). وعنوان القتل، في قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً)(22)، وعنوان النفاق، في قوله تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)(23) وعنوان الفساد وقطع الرحم، في قوله تعالى: (أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم* أُولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم)(24).وكأن القرآن يتسلسل في اللعن من رمز الشر المتمثل بإبليس، إلى الفئات البشرية التي تتجاوب معه وتستجيب لندائه، فيبدأ بالكافرين كحلقة أُولى، ثم بأهل الكتاب كحلقة وسطى، وكلتا الحلقتين تمثلان أعداء الإسلام من الخارج، ثم يتدرج إلى داخل الدائرة الإسلامية فيوجه اللعن إلى أعداء الإسلام من الداخل كالمنافقين، ثم ينتقل منهم إلى آخر حلقة في خط الشر المتمثلة بالظلم والقتل وقذف المحصنات وقطع الرحم، أي إلى الحلقة التي تهدد النظام الاجتماعي بالانهيار.وهكذا يتعقب القرآن باللعن خط الشر من حلقاته المعادية للتوحيد والإسلام من الخارج، إلى حلقاته المعادية لهما في الداخل، إلى الحلقات الاجتماعية التي تهدد النظام الاجتماعي الإسلامي بالخطر وتعرقل سيره وحركته على طريق السعادة والفلاح، والذي يلقي نظرة مقارنة بين الكتاب والسُنّة النبوية في هذا المضمار يتراءى له بوضوح أن السنّة النبوية ركّزت وتوسعت في لعن الحلقة الأخيرة، أكثر من سائر الحلقات، والدليل على ذلك أن اللعن على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) قد انصبّ على عناوين اجتماعية كلعن الخمر والربا والرشوة، ومانع الصدقة والزكاة... إلخ كما هو واضح من عناوين هذا الباب من الأحاديث النبوية الواردة في المدونات الحديثية(25).اللعن ضرورة عقائديةاتضح مما سبق أن اللعن، من حيث الأصل مسألة عقائدية ضرورية، يحتاجها المجتمع المسلم، لتكريس وتعميق الأصالة الإسلامية في واقعه، واستخلاص الشوائب من داخله وإبراز الانزجار والتنفر من كل ما يمتّ إلى خط الشرّ والباطل بصلة، كالكفار في الخارج، والمنافقين في الداخل، وعوامل الدمار الاجتماعي التي تساعد حركة الأعداء في الداخل والخارج على بلوغ مقاصدهم الخبيثة، وتعيق حركة المجتمع عن بلوغ أهدافه الإسلامية، وأنّه تعبير عقائدي عن الحاجة إلى تعميق الفاصل النفسي والثقافي والأدبي في حياة الإنسان المسلم، بين الإسلام من جهة، وخط الكفر والنفاق والانحراف الذي يواجهه الإسلام في الداخل والخارج من جهة ثانية.واللعن بهذا المعنى والمفهوم بعيد كل البعد عن السبّ، الذي هو مفردة سلوكية مخالفة تماماً لما عليه الأخلاق الإسلامية، وقريب كل القرب في مدلولاته العقائدية من مفهوم الولاء والبراءة من جهة، وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة ثانية، ذلك أن اللعن ينصب على المحاور التي ينبغي عقائدياً على المسلم إعلان براءته منها، كالكفار والمنافقين، وعلى عوامل الانحراف الاجتماعي، والعناوين المرفوضة في السلوك الاجتماعي، التي يجب على المسلم شرعاً مكافحتها، طبقاً لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبالتالي فهو تعبير أدبي عن فريضتين، عقائدية وشرعية، في آن واحد.ولا يُفهم من ذلك أن الإسلام والمجتمع الإسلامي، في مواجهته لخط الكفر والنفاق والانحراف، يعتمد اللعن كوسيلة حاسمة، إنّما الوسيلة الحاسمة في الإسلام هي الدليل والبرهان والمنطق العقلي البرهاني، الذي عبّر عنه القرآن الكريم بصيغ مختلفة، وإذا ما أحصينا استخدامات القرآن الكريم للمواد اللغوية ذات العلاقة بالفكر والعقل والدليل والبرهان والعلم والكتابة وأمثالها وجدناها تزيد على الألفين ومائة وتسعين مرّة، بينما ورد استعمال القرآن الكريم لمادة اللعن ثمان وثلاثين مرّة، فالدليل والبرهان قاعدة العقيدة في الإسلام، وما اللعن إلاّ تعبير أدبي عن الوسيلة الدفاعية الاحترازية الرادعة، التي يلجأ إليها الإنسان المسلم في موارد الإحساس بالخطر، وإنّما يلعن اللاعن بعد وضوح البيّنة وقيام البرهان لديه على الحق، وثبوت عناد وخصومة الطرف المقابل له.نعم، ورد النهي عن أن يكون اللعن خُلقاً دائمياً، وسليقة ثابتة يجري عليها المؤمن بنحو مستمر، كقوله (صلى الله عليه وآله): (ليس المؤمن بالسبّاب ولا بالطعّان ولا باللعّان)(26)، وكقوله (صلى الله عليه وآله): (المؤمن لا يكون لعّاناً)(27)وواضح أن الذي يقال له لعّان، هو من يجري اللعن على لسانه بنحو مستمر بسبب أو بدون سبب، أما الذي يلعن بالقدر المناسب للمقام، فلا يقال عنه لعّاناً، لأن صيغة فعّال تستخدم لمن تغلب عليه صفة معينة، وأكثر ما تطلق على أصحاب المهن، كالنجّار والقصّاب وغيرهما، ممّن يتّخذ هذه العناوين مهنةً وعملاً، وواضح أن الذي يتولّى ذبح الذبيحة بنحو طارئ في حياته لا يقال له قصّاب، وإنّما يقال هذا العنوان لمن يتولّى هذا العمل بنحو يوميّ مستمر كوظيفة دائمية له، واللعّان من هذا الباب والنهي عنه لا يستلزم النهي عن أصل اللعن، فلا تعارض بينهما أصلاً.قال الفيض الكاشاني (رضي الله عنه):أمّا حديث (لا تكونوا لعّانين) فلعلّه نهي عن أن يكون السبّ خُلقاً لهم، بسبب المبالغة فيه والإفراط في ارتكابه، بحيث يلعنون كل أحد، كما يدل عليه قوله: (لعّانين) لا أ نّه نهى عن لعن المستحقين، وإلاّ لقال: لا تكونوا لاعنين، فإنّ بينهما فرقاً يعلمه من أحاط بدقائق لسان العرب.وأمّا ما روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) نهى عن لعن أهل الشام، فإن صحّ فلعله (عليه السلام) كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية.ولذلك قال: (ولكن قولوا اللّهمّ أصلح ذات بيننا) وهذا قريبٌ من قوله تعالى في قصة فرعون: (فقولا له قولاً ليّناً))(28).نعم، لقد نهى أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه عن لعن أهل الشام، وهذا مذكور في نهج البلاغة بعنوان: (ومن كلام له (عليه السلام) وقد سمع قوماً من أصحابه يسبّون أهل الشام أيام حربهم بصفين) وقال ابن أبي الحديد تعليقاً عليه:(والذي كرهه (عليه السلام) منهم أنهم كانوا يشتمون أهل الشام ولم يكن يكره منهم لعنهم إياهم والبراءة منهم، لا كما يتوهّمه قوم من الحشوية فيقولون: لا يجوز لعن أحد ممّن عليه اسم الإسلام وينكرون على من يلعن ومنهم من يغالي في ذلك فيقول: لا ألعن الكافر ولا ألعن إبليس وأن الله تعالى لا يقول لأحد يوم القيامة لِمَ لم تلعن؟ وإنّما يقول: لِمَ لَعنت)؟(29). فإن كلامهم هذا خلاف نص الكتاب، لأنه تعالى قال: (إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً)(30) وقال: (أُولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)(31). وقال في إبليس: (وان عليك لعنتي إلى يوم الدين)(32) وقال: (ملعونين أينما ثقفوا)(33) وفي الكتاب من ذلك الكثير الواسع.وكيف يجوز للمسلم أن ينكر التبرّي ممن يجب التبرّي منه؟ ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالى: (قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا براءٌ منكم وممّا تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً)(34).وممّا يدل على أنّ من عليه اسم الإسلام إذا ارتكب الكبيرة يجوز لعنه، بل قد يجب في وقت معين، كما في حالة الملاعنة، قال الله تعالى في قصة اللعان (فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين* والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)(35) وقال تعالى في القاذف: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم)(36).فهاتان الآيتان في المكلّفين من أهل القبلة، والآيات قبلهما في الكافرين والمنافقين، ولهذا قنت أمير المؤمنين (عليه السلام) على معاوية وجماعة من أصحابه، ولعنهم في أدبار الصلوات.والذي نهى عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) ; هو شتم الآباء والأُمهات، ومنهم من كان يطعن في نسب قوم منهم، ومنهم من يذكرهم باللؤم، ومنهم من يعيرهم بالجبن والبخل، وبأنواع الأهاجي التي يتهاجى بها الشعراء، وأساليبها معلومة، فنهاهم (عليه السلام) عن ذلك وقال: (إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ولكن الأصوب أن تصفوا لهم أعمالهم وتذكروا حالهم... الخ)(37).وبوسعنا الاستدلال بأحاديث ذم اللعّان على ما بيّناه من أنها تشير إلى ما ذكرناه سابقاً من أن الأصل في تعامل الشريعة مع خط الكفر والنفاق والانحراف هو الدليل والبرهان، وإنّما اللعن هو بمثابة الوسيلة الرادعة التي يحتاجها كل كائن حي، وكل نظام اجتماعي للدفاع عن نفسه أدبياً واجتماعياً ضد من يتآمرون عليه في الخارج ويعرقلون مسيرته في الداخل.وأغرب الكلام! ما تكلم به الغزالي في هذا الباب، حيث ادّعى أن: (في لعن الأشخاص خطر فليجتنب، ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس فضلاً عن غيره). ثم قال:(وإنّما أوردنا هذا لتهاون الناس باللعنة وإطلاق اللسان بها، والمؤمن ليس بلعّان فلا ينبغي أن يطلق اللسان باللعنة إلاّ على من مات على الكفر، أو على الأجناس المعروفين بأوصافهم دون الأشخاص المعيّنين، فالاشتغال بذكر الله أولى، فإن لم يكن ففي السكوت سلامة)(38).وفي كلامه مواقع للنظر اتّضحت مما سبق، فإن اللعن إذا كان فيه خطر على المجتمع كان على القرآن أن لا يأتي به، وعلى النبي (صلى الله عليه وآله) أن لا يمارسه ويطبقه، وكلام الغزالي هذا فيه نوع من الحزبية المقيتة، فلأجل الدفاع عن يزيد وتحريم لعنه، يلجأ إلى أقوال تنتهي إلى الردّ على الله وعلى الرسول (صلى الله عليه وآله)، من حيث لا يريد. والقرآن الكريم يلعن إبليس ولو لم تكن مصلحة إيمانية في ذلك لما وردت آيتان في لعنه، وأبرز مصلحة نستطيع إدراكها هي تكريس وتعميق حالة الإنزجار والتنفّر في النفوس من رمز الشرّ والباطل والانحراف، بما يساعد على الاستقامة ويجعل خطاً فاصلاً كبيراً بينها وبين الانحراف، ومع ذلك يدّعي الغزالي أن لا خطر في الإمساك عن لعن إبليس فضلاً عمن هو دونه، أليس كلامه هذا ينتهي إلى إلغاء حكمة القرآن؟! أما تهاون الناس في ذلك فهذا أمر آخر مردّه إلى جهل الناس، أو إلى سياسات الحكّام الجائرين الذين أجروا اللعن على أمير المؤمنين (عليه السلام) وشيعته على المنابر، أمثال معاوية ويزيد بن معاوية، والحكام الذين كانوا إذا أرادوا الإيقاع بأتباع أهل البيت (عليهم السلام) اتهموهم بسبّ الشيخين حتّى تسهل عليهم الوقيعة بهم كما سيأتي.أمّا تفريقه بين لعن الأجناس ولعن الأشخاص فسيأتي ردّه والكلام فيه.وأمّا قوله: بأنّ الاشتغال بذكر الله أولى وأن في السكوت سلامة، فمصادرة على المطلوب، فإنّ اللازم بيان حكم اللعن، فإن كان مطلوباً شرعاً فلا معنى لأن نقول: بأنّ في السكوت عنه سلامة، وإنْ لم يكن مطلوباً فاللازم حينئذ بيان عدم مشروعيته ، فكلامه أشبه بالمواعظ الوجدانية منه بالأحكام الفقهية.موقف مدرسة الخلفاء من مسألة اللّعنوالحقيقة أن المسألة في أصلها ليست محلاًّ للخلاف بين المسلمين، إنّما وقع الخلاف بينهم فيها حينما اصطدم مفهوم اللعن بالمعنى الذي بيّناه مع قاعدة أساسية من قواعد مدرسة الخلفاء، وهي قاعدة عدالة كل من عاصر النبي (صلى الله عليه وآله) وصحبه وهو مؤمن به، ولخطورة هذه القاعدة وتقدمها عندهم على ما سواها، اضطر زعماء هذه المدرسة إلى تأويل كل ما خالفها من المفاهيم والأفكار، وحتّى الوقائع التاريخية البيّنة التي تشهد على بعض الصحابة بالفسق البيِّن، والمخالفات الصريحة التي ثبّتها القرآن الكريم على بعضهم، حاولوا التهرب منها بذرائع لا يوافقهم عليها أحد من العُقلاء، ومن المستبعد أن يكونوا هم أنفسهم مقتنعين بها، إلاّ أنهم لمّا سلكوا هذا الطريق، وسدّوا على أنفسهم سائر الطرق، وجدوا أنفسهم بحاجة إلى التشبث بكل كلمة يتصورون أنها تساعدهم على الخروج من اللوازم الفاسدة المترتبة عليه، رغم أن الأحرى بهم في مثل هذه الحالة، اتخاذ تلك اللوازم الباطلة دليلاً على بطلان تلك القاعدة.ومفهوم اللعن من جملة ما عارض هذه القاعدة، فتوقفوا فيه جموداً منهم على تلك القاعدة التي ركبوا من أجل تحصينها وحراستها كل صعب وذلول، فمع أن قسماً كبيراً من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) قد ارتكب الأعمال التي وجّه القرآن الكريم اللعنة عليها، وأن الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه قد لعن بالعنوان بعض أصحابه، كما لعن بعضهم بالتعيين والتسمية، وأن هذا كله من قطعيات التاريخ التي لا سبيل إلى المناقشة فيها، إلاّ أن مدرسة الخلفاء ـ ورغم ذلك كلّه ـ آمنت:1 ـ بأن الصحابة كلّهم عدول.2 ـ إن ما وقع من بعضهم خلاف العدالة بالغاً ما بلغ لابد من حمله على وجه من الوجوه المناسبة كالاجتهاد ونحوه.3 ـ إن الأخذ بمقتضى هذه المخالفات، وترتيب الأثر الشرعي والعقلي عليها، والامتناع عن حملها على محمل حسن، يؤدي إلى الطعن بمرتكبيها من الصحابة، وفتح باب اللعنة عليهم والتفسيق لهم.4 ـ إن الطعن ببعض الصحابة ذنب عظيم، يؤدي إما إلى فسق الطاعن عليهم أو كفره(39).وهذه نقاط بعضها مترتب على بعض، وكل واحدة منها أفحش في الخطأ والمغالطة من التي قبلها، وهي تعود جميعاً إلى سقم قاعدتهم الكلية القائلة بعدالة الصحابة، حتّى من ارتكب منهم مخالفات بيّنة قطعية، بل حتّى من شهد القرآن بفسقه!!ومن هنا نشأ الخلاف بين المدرستين، مدرسة الخلفاء، ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في مسألة اللعن، حيث رأت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أن الناس في شرع الله سواسية، وأن من يرتكب الأعمال التي وردت في الكتاب والسنّة النبوية مقرونة باللعن والردع، تلحقه هذه النتيجة سواء كان صحابياً أم تابعياً أم من أهل القرون المتأخرة، خاصة وأن القرآن قد ثبّت على بعض الصحابة ذلك، وأدانهم به، وأن السنّة النبوية تضم شواهد عديدة على ذم بعض الصحابة ولعنهم والبراءة منهم، وإليك تفصيل ذلك:موقف مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) من مسألة اللّعنولكي نفصّل القول في موقف مدرسة أهل البيت من مسألة اللعن تفصيلاً كافياً لابد لنا من تناولها ضمن المطالب التالية:يتبع | |
| | | عاشق الحسين اكليل فعال
عدد الرسائل : 85 العمل/الترفيه : موظف تاريخ التسجيل : 07/09/2008
| موضوع: رد: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الأحد ديسمبر 21, 2008 2:28 am | |
| ـ الفصل بين اللعن والسبّ اتّضح سابقاً أن اللعن ضرورة عقائدية يحتاجها المجتمع العقائدي الإسلامي لتحصين بنيته العقائدية من خصوم الإسلام الداخليين والخارجيين، ومن بعض أنماط السلوك الاجتماعي التي تهدد النظام الاجتماعي الإسلامي، بالخطر. بينما السب ظاهرة أخلاقية منبوذة، ومفردة سلوكية مرفوضة، من وجهة نظر القرآن والسنّة النبوية وأئمة أهل البيت (عليهم السلام).
2 ـ عدم صحّة نظرية عدالة كل الصحابة ليس البحث هنا منعقداً لمناقشة نظرية عدالة كل الصحابة، والبحث فيها يتطلب مجالاً واسعاً بحدود كتاب أو عدّة كتب، لكننا بمقدار ارتباط بحثنا بهذه النظرية نجد ضرورة التطرق لها بالقدر المناسب. فمن القواعد العقلية المقررة بين العقلاء أن المُدّعى يجب أن يكون بحجم الدليل، فإذا كان أكبر من الدليل أصبح ادعاءاً بلا دليل. وحينما يقاس حجم المدعى ينظر إليه مع كل ما يترتب عليه من اللوازم، ثم تتم المقايسة بينه وبين الدليل المفترض عليه. وحينما نأتي إلى نظرية عدالة كل الصحابة نجدها تستلزم لوازم عقلية وشرعية كثيرة وكلّها غير صحيحة منها:
أ ـ إن الإيمان بعدالة الصحابة يستلزم الإيمان بأن سبب العدالة في الصحابي هو مجرد صحبته للرسول (صلى الله عليه وآله)، وليس عمل الصحابي، فما دام الصحابي قد صحب الرسول (صلى الله عليه وآله) فهو عادل وإن فعل ما فعل من المخالفات.
ب ـ إن مخالفات الصحابة لابد من حملها على وجوه مناسبة، وكلّما تعسّر الحمل وظهر التكلف ضعفت مصداقية الشريعة، فيما تتبناه من أحكام وتدعو إليه من قيم، فالحمل على أن الصحابة مجتهدون، للمخطئ منهم أجر وللمصيب أجران من شأنه أن يضعّف قيمة الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، فأي اجتهاد يسمح للصحابة بالتقاتل فيما بينهم؟ وأي فرق حينئذ بينهم وبين سائر البشر، ممّن يتقاتلون فيما بينهم؟ وهكذا فالحمل على كل وجه شرعي، من شأنه أن يضعّف موقع ذلك الوجه من الشريعة.
ج ـ إن تعديل الصحابة مناف لصريح القرآن الكريم، الدال على وجود منافقين وفاسقين ومؤذين لله وللرسول (صلى الله عليه وآله) من بين صحابته، كما سيأتي.
د ـ إن تعديل الصحابة مناف لصريح السنّة النبوية، الدالة على تبرّم النبي (صلى الله عليه وآله) وغضبه على بعض صحابته، كما سيأتي.
هـ ـ إن تعديل الصحابة مناف لمفهوم اللعن الوارد في القرآن الكريم، بخصوص حالات وردت بعضها في سيرة بعض الصحابة.
و ـ إن تعديل الصحابة مناف لقوانين الطبيعة البشرية في الميدان الاجتماعي، فالإنسان الذي كان قبل إيمانه بالرسول محارباً له، منغمساً في جاهليته بكل ما فيها من أدران وأوساخ كيف نتعقل الحكم بتعديله بمجرد تلفظه بالشهادتين وصحبته للرسول (صلى الله عليه وآله)؟ لا ننكر أن ذلك أمر ممكن، ولكن بالنسبة إلى أفراد دلّت الشواهد العملية منهم على تحقق العدالة فيهم فعلاً، وليس بالنسبة إلى المجتمع ككل، إذ أنّ الإمكان شيء والتحقق شيء آخر، فنظرية عدالة الصحابة لا تتحدث عن الإمكان، وإنّما تتحدث عن تحقق العدالة في كل الصحابة دون أن تنظر في سلوكهم، بل دون أن تقبل النظر في ذلك، ونستطيع أن نجزم بالقول بأن نظرية عدالة الصحابة تتعارض تعارضاً تاماً مع علوم التاريخ والاجتماع والنفس، التي لا تتقبل إصدار أحكام عامة جازمة بالمدح لطائفة من الناس، ثم تفسر سلوكهم بنحو متلائم مع هذه الأحكام، والشيء الذي تؤكد عليه طبيعة الحياة وهذه العلوم، أن الأحكام بالمدح أو الذم تابعة للأعمال. وليس الأعمال تابعة للأحكام، ولأجل تبعية الأحكام للأعمال، لابد وأن ننظر في عمل كل فرد فرد، ونصدّر بازاء كل واحد منهم ما يستحقه من الحكم بالمدح أو الذم، وقد جرى العقلاء على إصدار حكم عام بالمدح أو الذم على جماعة من الناس، بملاحظة الأعم الأغلب فيها، وقد أمضى القرآن الكريم هذه الطريقة، فأصدر أحكاماً من هذا النوع على بعض الجماعات، والمعروف في مثل هذه الحالات أن حكم الجماعة لا يلحق كل فرد منها، فإذا قيل: الرجال أقوى من النساء، مثل هذا الحكم لا يعني أن كل فرد من الرجال أقوى من كل فرد من النساء، لأن هذا الحكم وأمثاله مبني على ملاحظة الأعم الأغلب وليس مبنياً على الاستقصاء، وإذا ادّعي الاستقصاء فيها كان الادعاء كاذباً لا محالة. ونظرية عدالة الصحابة تصر على عدالة كل فرد منهم ولا تقبل بالبناء على الأعم الأغلب، وهذا أوضح وجه لبيان سقمها. بعد بيان هذه الملاحظات على نظرية عدالة كل الصحابة من جهة، وملاحظة إصرار مدرسة الخلفاء على هذه النظرية من جهة ثانية، يحق للباحث المنصف أن يتساءل: من أجل أي دليل يجب علينا الإيمان بنظرية تستلزم ارتكاب كل هذه المفارقات واللوازم الباطلة؟ هل بلغ الدليل على هذه النظرية درجة من القوة والوضوح والتأكيد، بحيث أن ارتكاب هذه المفارقات واللوازم الباطلة أهون من الناحية المنطقية من القول بعدالة بعض الصحابة؟ وهل أن القول بعدالة بعض الصحابة لا جميعهم، تترتب عليه مخالفات ومفارقات أعظم من هذه، بحيث نضطر إلى القول بعدالة كل الصحابة؟ والحقيقة أننا حينما ننظر في ما يوردونه من الأدلة على نظرية عدالة كل الصحابة، نجدها مجموعة من الآيات والأحاديث التي لا تدل على هذا الادعاء، مثل آية: (والسابقون السابقون* أُولئك المقربون)(40) وآية: (محمّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رُحماء بينهم تراهم...)(41) وآية: (لقد رضي الله عن المؤمنين...)(42). وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)(43). وواضح أن غاية ما تدل عليه هذه الأدلّة هو امتداح جيل الصحابة والثناء على ما بذلوه من جهود في نصرة الدين والرسول (صلى الله عليه وآله)، وهو شيء نسلّم به بالوجدان قبل القرآن، فإن صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ بما هم جماعة ـ كانوا يمثلون نواة المجتمع الإسلامي في الأرض، وبداية الانطلاقة الإسلامية في الحياة، وبالتالي فهم بالمقياس الإيماني أفضل من أي جماعة بشرية كانت في ذلك الزمان على وجه الأرض، ولكن هذا شيء والحكم بعدالة كل فرد منهم شيء آخر، وقد قلنا سابقاً أن الحكم على الجماعة لا يسري إلى كل فرد فرد فيها، لأنه بلحاظ الأعم الأغلب، بينما إسراء الحكم إلى كل فرد يتطلب الاستقصاء من جهتين، جهة الأفراد، وجهة أعمال كل فرد طيلة حياته، حتّى يصح لنا أن نقول: إن أفراد هذه الجماعة كلهم عدول، والآيات المذكورة لا دلالة فيها على الاستقصاء لا من هذه الجهة ولا من تلك، بل إن الاستقصاء غير معقول فيها، لأن حياة الصحابة المخاطبين بها لم تتم بعد حتّى نقول: إنها تدل على عدالتهم، فربما ارتكبوا بعد هذا الخطاب أو بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، ما يخالف العدالة، وقد أخبرتنا آيات أُخرى أن الصحابة قد يقع من بعضهم الارتداد، وهو أعظم من منافيات العدالة، وقد وقع ذلك فعلاً. كما سيأتي. وحيث يتعذر الاستقصاء نستطيع أن نقول: إن الآيات المذكورة ليست أنها لا تدل على عدالة الصحابة فحسب، بل إن هذه الدلالة ممتنعة في نفسها، فهي سالبة بانتفاء الموضوع، فليس هناك وجهان أحدهما: يدل على عدالة الصحابة، والآخر يدل على امتداحهما فقط فنختار أرجحهما بحسب القرائن والأدلة. وإنما هو وجه واحد في هذه الآيات، وهو دلالة هذه الآيات على امتداح الصحابة بما هم جيل ومجموعة، دون النظر إلى كل فرد فرد منهم، وهذا المعنى مصرّح به في نصوص أئمة أهل البيت وتراثهم الفكري.
الهوامش: 1- المفردات: 471. 2- مجمع البحرين: 6/309 . 3- النهاية: 4 / 255. 4- الصحاح: 4/2196 . 5- النهاية: 4 / 330. 6- الصحاح: 1 / 144 . 7- مجمع البحرين: 2/80. 8- لسان العرب: 1/455 . 9- المفردات: 225 . 10- مجمع البحرين: 6/98 . 11- لسان العرب: 12/318. 12- الأنعام: 108. 13- موسوعة أطراف الحديث النبوي / المجلد السادس: 594 ـ 606. 14- نقله ابن جرير الطبري في أحداث سنة (11 هـ ) من تاريخه وليس فيه قطعاً، والملل والنحل للشهرستاني: 1/23 ط دار المعرفة تحقيق محمد كيلاني، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: 6/52 . 15- سورة ص: 78. 16- الأحزاب: 64 . 17- المائدة: 78. 18- النور : 7. 19- هود: 18. 20- الأحزاب: 57. 21- النور: 23. 22- النساء: 93. 23- التوبة: 68. 24- محمّد: 22 ـ 23. 25- راجع موسوعة أطراف الحديث النبوي: 6 / 594 ـ 606 (مادة لعن). 26- كنز العمال: 1 / 146 ح 720. 27- المصدر السابق: 3: 615 ح 8178 . 28- المحجة البيضاء: 5 / 222 ط جماعة المدرسين. 29- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 11/21 ، 22، الخطبة 199 . 30- الأحزاب : 64 . 31- البقرة: 159 32- سورة ص: 78. 33- الأحزاب: 61. 34- الممتحنة : 4 . 35- النور: 6 ـ7 . 36- النور: 23. 37- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 11/22 ـ 23 ح 199 . 38- إحياء علوم الدين: 3/ 134 ـ 135 ط دار الفكر. 39- الصواعق المحرقة: 375 ـ 389 ، ط دار الكتب العلمية. 40- الواقعة : 10 ـ 11 . 41- الفتح : 29 . 42- الفتح : 18. 43- الفتاوى الكبرى: 4/217.
| |
| | | الورد جوري المدير العام
عدد الرسائل : 370 العمل/الترفيه : المطالعه المزاج : تمام تاريخ التسجيل : 25/08/2008
| موضوع: رد: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الثلاثاء ديسمبر 23, 2008 7:06 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم ياكريموانا اكمل مفهوم اللعن وموقف أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام عليه السلام من السب واللعن إن من أهم الأسباب للفتن المذهبية والطائفية استعمال السب والشتم واللعن للطرف الآخر الذي تختلف معه عقائديا أو مذهبياً أو سياسياً كوسيلة من الوسائل تريد أن تحقق أهدافك منه .حاول البعض أن يشرعن السب والشتم واللعن الذي هو أحد مصاديق السب في الشريعة الإسلامية وأن يلصق ذلك بقادته الميامين عليهم السلام وأنهم استعملوه ضد من خالفهم وهذا ما لا يتناسب مع مقام بعض العلماء حتى يتناسب مع من مدحهم الله في الذكر الحكيم وقال في سيدهم {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4) .وقد تحدثت عن ذلك لأكثر من مرة وحاولت أن أعرض موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم في ذلك كي تنجلي بعض الغشاوات.وهنا أعود مرة أخرى لأعرض موقف أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام في بعض جوانبه وفي بعض كلامه دون جميعه . حادثة وقعت في وقت الإعداد واستنهاض الناس للقتال في حرب صفين – كما يقول به البعض – وبعضٌ يقول أن هذه الحادثة وقعت أثناء الحرب والقتال وقد سمعها علي عليه السلام مباشرة ، الحادثة رويت بعدة روايات وحاصلها أن بعض أصحاب علي عليه السلام تعرض لمعاوية وأصحابه بالسب واللعن ولكن الإمام علي عليه السلام استنكر ذلك وقال أن هذا العمل غير ناجح ولم يكن أمراً صحيحاً بل النهج القويم أن تشرح أفعال مخالفيك ليتعرف الآخرون عليها مع الخلق الإسلامي .حاولت أن أنقل هذه الحادثة برواياتها المتعددة لأهميتها ثم أعرض ما فهمه العلماء منها : الرواية الأولى :فقد رَوَى نَصْرٌ بن مزاحم : عن عمر بن سعد [ الأسدي ] ، عن عبد الرحمن ، عن الحارث بن حصيرة ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ :خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِفَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ [ عليه السلام ] أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَافَأَتَيَاهُ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَسْنَا مُحِقِّينَ ؟!قَالَ : بَلَى .[ قالا : أو ليسوا مبطلين ؟.قال : بلى ]قَالَا : فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ ؟! .قَالَ : كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا : لَعَّانِينَ ، شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ ، وَتَتَبْرَءُونَ ، وَلَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ ، وَ [ لَوْ ] قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ ، وَدِمَاءَنَا ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنِنَا ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ ، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ .فَقَالَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك[6]. الرواية الثانية : التي رواها ابن أعثم الكوفي في كتابه ( الفتوح ) بعد كلام طويل لأصحاب أمير المؤمنين عليه السلام :قال : فعندها خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، فجعلا يظهران البراءة من أهل الشام واللعنة لهم ، فأرسل إليهما علي أن ( كفا عما يبلغني عنكما ) .فأقبلا إلى علي وقالا : يا أمير المؤمنين ! ألسنا على الحق ؟ .قال : بلى ! .قالا : فَلِمَ تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ .فقال : لأني أكره لكم أن تكونوا لعَّانين شتَّامين ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم كذا لكان ذلك أصوب في القول وأبلغ في الرأي ، ولو قلتم : اللهم ! احقن دماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم[7]، لكان ذلك أحب إليَّ[8] لكم .فقالا : يا أمير المؤمنين ! فإننا نقبل عظتك ونتأدب بأدبك[9].الرواية الثالثة :التي رواها الدينوري في كتابه ( الأخبار الطوال ) فقال : قالوا : وبلغ عليا أن حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران شتم معاوية ، ولعن أهل الشام ، فأرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما .فأتياه ، فقالا : ( يا أمير المؤمنين ، ألسنا على الحق ، وهم على الباطل ؟ ) .قال : ( بلى ، ورب الكعبة المسدنة ) .قالوا : ( فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم ؟ ) .قال : ( كرهت لكم أن تكونوا شتَّامين لعَّانين ، ولكن قولوا : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم ، حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي عن الغي من لجج به )[10] . [b]نستخلص من هذه الروايات الثلاث : 1- اتفاق هذه الروايات على أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يكره لأصحابه أن يكونوا شتامين لعانين وهذه الكراهة بمعنى عدم الرضا والمنع من هذا الفعل فإذا صحت سنداً فإن مفادها حرمة السب واللعن كما فهمها بعض العلماء الذين سوف يأتي الحديث عنهم ، لا الكراهة التي هي أحد الأقسام الخمسة (الحرمة ، والوجوب ، والاستحباب والكراهة ، والجواز). 2- مفاد هذه الروايات مع روايات أخرى صحيحة السند وقوله تعالى {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } (الأنعام: 108) وأن اللعن من سائر الناس أحد مصاديق السب؛ مفاد كل ذلك : أن السب واللعن من الأمور المحرمة: وذلك أن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام منع أصحابه بشدة من الشتم واللعن كما جاء في الرواية الأولى والرابعة (قَالَا : فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ ؟! ) وفي الثانية والثالثة ( قالا : فلم تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ ) ومنع الإمام المعصوم دال على الحرمة . فالسب واللعن لم يكونا من الأمور العبادية كما يصوره البعض بل من الأمور المبغوضة التي تجلب مختلف الفتن والمصائب . 3- أن حرمة السب واللعن لا تنزه الطرف الآخر ولاتبرؤه من كفره إن كان كافراً أو من فسقه إن كان فاسقاً أو من ضلاله إن كان ضالا ( وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ) فقد يستحق الطرف الآخر اللعن والعذاب الأليم في واقع الأمر لأفعاله الشنيعة فهذا شيء ، وشتمه ولعنه شيء آخر . 4- أن الإمام عليه السلام عندما منع من الشتم واللعن واللذان هما من مساوئ الأخلاق طرح عملا آخر أكثر مفعولية منهما ألا وهو شرح أفعال الطرف الآخر لجماهير الأمة بعدلٍ وإنصاف دون الكذب والبهتان . 5- الدعاء للمخالف بالهداية عن الضلال (.... وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ ) إن صاحب القلب الكبير الرحيم حتى لأعدائه لم يقتصر على عدم سبهم والدعاء عليهم بالعذاب واللعن لهم – حتى وإن فسر بالدعاء على الغير - بل ثقف شيعته أن يدعوا لأعدائهم ومخالفيهم بالهداية ، فأين هذه الروحية والثقافة التي يريدها علي بن أبي طالب عليه السلام حتى لمن سل سيفه عليه يقاتله ، وبين ثقافة السب والشتم واللعن ؟؟؟ !!! 6- الدعاء لهم بحقن دمائهم (اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ ، وَدِمَاءَنَا ....) وفي الرواية الثانية (ولو قلتم : اللهم ! احقن دماءهم .... ) ولم يذكر (دماءنا) أي لم يذكر دمه ودم أصحابه بل كان نظره على حفظ دم عدوه ومن يقاتله . إنني لا أفهم لغة السب والشتم واللعن في قاموس هذا الرجل الذي خلقه الله مع ابن عمه وأولاده الهداة رحمة وذخراً وشرفاً ليس للمسلمين فحسب بل للبشرية عامة . إن المحافظة على حقن الدماء مهم إلى أبعد حد وبأي ثمن كان وبأي وسيلة ، والسب والشتم واللعن من أهم أسباب سفك الدماء في الأمة فيحرمان ولو بالعنوان الثانوي إذا لم يحرما بالعنوان الأولي. 7- النتيجة الحسنة : بالالتزام بعدم السب والشتم واللعن فهو الخير للأمة لمحافظتها على كرامتها بل ووحدتها وقد يحصل الوئام بين المتنازعين كما قال عليه السلام ( لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ ) . 8- إن مفردات السب والشتم واللعن لم تكن ثقافة أمير المؤمنين عليه السلام ، بل ثقافة العاجز المهزوم الذي لم يكن لديه أي رصيد علمي أو عملي أو أخلاقي ، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعيد عن هذا بعد ما بين السماء والأرض سواء كان في حال الحرب أو السلم ، وشيعته المخلصون على هداه سائرون، لهذا قال حجر وعمرو بن الحمق (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك ) فمن يستعمل السب والشتم واللعن - حتى لمن يستحق - لم يتأدب بأدب أمير المؤمنين عليه السلام وإنما تأدب بأدب أعدائه الذين اتخذوا السب واللعن ثقافة استمروا عليها لعشرات السنين . وللحديت بقية [/b] | |
| | | الورد جوري المدير العام
عدد الرسائل : 370 العمل/الترفيه : المطالعه المزاج : تمام تاريخ التسجيل : 25/08/2008
| موضوع: رد: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الثلاثاء ديسمبر 23, 2008 7:12 am | |
|
الرواية الرابعة :
التي رواها أبو جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي المعتزلي المتوفى 220 هـ في كتابه ( المعيار والموازنة ):
[ تحذير أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من اعتياد السب واللعن وكراهته لهم أن يكونوا سبابين ولعانين ] [11].
قال الأسكافي : وكان رضي الله عنه من مبالغته في الدعاء وحسن سيرته في الكف عن الأذى ، ودعائه بالتي هي أحسن - اقتداء بأدب الله وطلبا لما هو أصلح - أنه لما بلغه عن أصحابه أنهم يكثرون شتم مخالفيهم باللعن والسب ، أرسل إليهم أن كفوا عما بلغني [ عنكم ] من الشتم والأذى .
فلقوه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ألسنا محقين ؟
قال : بلى .
قالوا : ومن خالفنا مبطلون ؟
قال : بلى .
قالوا : فلم منعتنا من شتمهم ؟
فقال : كرهت أن تكونوا سبابين ولكن لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، و [ لو ] قلتم مكان سبكم إياهم : اللهم احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي من الغي والعدوان من لهج به ، فهذا من الكلام أحب إلي [12] لكم .
فقالوا : قد أصبت[13].
الرواية الخامسة :
التي رواها السيد الرضي في ( نهج البلاغة ) فقال :
ومن كلام له عليه السلام في هذا الجانب وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين :
( إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ، وَلَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ ، وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ ، وَقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ : اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَهُمْ ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَبَيْنِهِمْ ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ )[14].
الاختلاف في حرمة السب واللعن :
مورد الخلاف استعمالهما لغير المؤمنين ، أما حرمة السب واللعن للمؤمنين فهو متفق عليه .
وكيف كان فيبدو أن الخلاف حول جواز السب واللعن لغير المؤمنين قائم بين علماء الطائفة قبل مئات السنين .
أما السب : في القرون المتقدمة فكأنه شبه الاتفاق بينهم على حرمته حتى للكافرين فضلا عن المسلمين ، ولكن في الآونة الأخيرة خف مثل هذا الاتفاق أو شبهه وصار يحاول البعض أن يعطي المبررات لجوازه للكافرين أو المخالفين ويستشهد ببعض الروايات المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم ، وهذا التوجه له خطورته البالغة .
وأما اللعن السبي : فكذلك فقد ساد القول بالحرمة بين أكثر المتقدمين لفترة طويلة ولكن في القرون المتأخرة انعكست القضية وساد القول بعدم حرمته بل القول باستحبابه وأنه من الأمور العبادية بل حاول البعض أن يثبت وجوبه بأي عنوان من العناوين . وتشنج كثير من المتأخرين ضد من يشكك في عباديته أو استحبابه وكالوا لهم مختلف الشتائم والتهم .
وفي هذه العجالة نشير إلى رأي بعض المتقدمين في هذا الجانب، وكشاهد على ذلك نطرح قراءة أخرى - غير المتداولة - لكلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ( إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ) وما هو المراد منها ، تلك القراءة التي فهمها بعض قدماء شراح نهج البلاغة في القرن السادس والسابع الهجريين، ليطلع القارئ على ثقافة أوسع بثقافة الرأي والرأي الآخر ، ولا يبقى يسمع فقط الرأي الأوحادي الذي يقصي الرأي الآخر .
اللغة :
1- السب: الشتم و سميت الأصبع التي تلي الإبهام سبابة لأنها يشار بها عند السب.
2- اللعن : تقدم تعريفه .
3- حقن الدم: منع من سفكه.
4- ذات البين: من الأضداد يطلق على الوصل و على الفرقة.
5- يرعوي: ينصرف و يرجع و يرتدع.
6- الغي: الضلال.
7- لهج به: أولع وحرص عليه.
الرواية الأخيرة من نهج البلاغة هي محط القراءة الجديدة وبما أنها متقاربة مع الرواية الرابعة وهما مختلفتان قليلاً عن الروايات المتقدمة عليهما حيث لم يذكر اسم ( اللعن ) فيهما فهذا مما يعزز أهمية القراءة الجديدة .
كما لم يذكر في رواية نهج البلاغة جملة ( فلم تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ ) كما تقدم في الروايات السابقة .
لهذا حاولنا أن نفهم كلمة الإمام علي عليه السلام عندما قال : ( إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ) على ماذا تدل ؟ فهل تدل على كراهة السب بمعنى مجرد المبغوضية التي هي أحد الأحكام الخمسة أي قسيمة للحرمة فلا مانع من ارتكاب السب وإن كان مبغوضاً كما حاول البعض أن يجعل الكراهة خاصة بالسب فقط دون ( اللعن ) وجعل الأخير من الأمور العبادية .
أم لها قراءة وفهم آخر يدل على ثقافة معينة لدى أمير المؤمنين عليه السلام .
عندما نرجع إلى شراح نهج البلاغة من المتقدمين في القرنين السادس والسابع وهم من أوائل شراح نهج البلاغة نراهم قد فهموا من كراهة السب ، حرمة السب واللعن معاً لأن اللعن مصداق من مصاديق السب .
ما فهمه الأعلام من كراهة السب :
1- قال علي بن زيد البيهقي الأنصاري المتوفى 565 هـ [15] في كتابه ( معارج نهج البلاغة ) في شرحه لهذه الخطبة في قوله إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ):
( هذا تنبيه على تحريم السبّ واللّعن، كما قال النبي، عليه السّلام: (ما بعثت سبّابا ولا لعّانا)...
- إلى أن قال - وهذه الكلمات مقتبسة من قول النّبيّ عليه السّلام: اللّهم إنّي بشر، فإذا دعوت على إنسان، فاجعل دعآئي له لا عليه، وأهده إلى الصّراط المستقيم ).
فالبيهقي شرح رواية نهج البلاغة المقتصرة على كلمة ( سبابين ) ومع هذا حرم السب واللعن لأنهما بمعنى واحد .
2- وقال قطب الدين البيهقي الكيدري من أعلام الطائفة في القرن السادس الهجري صاحب كتاب ( إصباح الشيعة بمصباح الشريعة ) في شرحه لنهج البلاغة المعروف بـ ( حقائق الحقائق في تفسير دقائق أفصح الخلائق )
قال قوله عليه السلام: ( إني اكره لكم أن تكونوا سبابين) .
( نبه على تحريم السب واللعن كما قال النبي صلى اللّه عليه وآله ( ما بعثت سبابا ولا لعانا )
وقال عليه السلام: ( اللهم إني بشر فإذا دعوت على إنسان فاجعل دعائي له لا عليه واهده إلى الصراط المستقيم ).
واحقن دماءنا: أي امنعها من السفك.
اصلح ذات بيننا: أي ما بيننا من الأحوال حتى يكون أحوال : إلفة ، ومحبة ، واتفاق ، ولما كانت الأحوال ملابسة للبين قيل لها ذات البين كقولهم: اسقني ذا إناءك أي في إنائك من الشراب، وقيل ذات البين حقيقة الوصل.
وارعوى: أي رجع و كف، و لهج به: أي حرص[16].
وكلام الكيدري واستنتاجه نفس استنتاج البيهقي الأنصاري .
3- وقال الشيخ كمال الدين ميثم البحراني المتوفى 679 هـ في شرحه لنهج البلاغة :
وحاصل الفصل تأديب قومه وإرشادهم إلى السيرة الحسنة وجذب لهم عن تعويدها وتمرينها بكلام الصالحين.
ونبّه بكراهته للسبّ والنهى عنه على تحريمه، ونحوه إشارة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بقوله: ( ما بعثت لعّانا ولا سبّابا) .
وقوله: ( اللهم إنّي بشر فإذا دعوت على إنسان فاجعل دعائي له لا عليه واهده إلى الصراط المستقيم ).
وقوله: لو وصفتم. إلى قوله: في العذر: أي لو عدلتم عن السباب إلى وصف أعمالهم وتذكيرهم بكونهم ظالمين لكم وضالّين عن السبيل ذكرا على وجه النصيحة والهداية لهم.
ثمّ قلتم مكان سبّكم إيّاهم هذا الدعاء لكان أصوب في القول ممّا ذكرتموه من رذيلة السباب ولأنّ في تذكيرهم بأحوالهم ونصيحتهم إيّاهم فائدة وهي رجاء أن يعودوا إلى الحقّ ولأنّ ذلك أبلغ في العذر إليهم من غيره. إذ لكم أن تقولوا بعد ذلك إنّكم نصحتموهم وطلبتم منهم العتبى فلم يستعينوا.
وقوله: وقلتم عطف على قوله: وصفتم.
ولو مقدّرة عليه وجوابها مقدّر بعد تمام الدعاء وحذفا لدلالة لو الأولى عليهما، والتقدير لو قلتم هذا الدعاء ، لكان أصوب وأبلغ في العذر، والدعاء الّذي علّمهم عليه السّلام إيّاه مطابق لصورة حال الحرب ، واشتمل على طلب حقن الدماء أوّلا : لأنّ سفك الدماء هو الخوف الحاضر .
وعلى طلب علّته وهى إصلاح ذات البين: أي ما بيننا وبينهم من الأحوال الموجبة للافتراق حتّى يكون أحوال : ألفة ، واتّفاق ، ولمّا كانت الأحوال ملابسة للبين قيل لها: ذات البين كقولك: اسقني ذا إنائك: أي ما في إنائك من الشراب.
وقيل: ذات البين حقيقة الفرقة: أي صلح حقيقة الفرقة بيننا وبينهم و بدّلها بالالفة.
ثمّ على طلب العلّة الحاسمة للفرقة الموجبة لإصلاحها وهي هداهم من ضلالتهم بمعرفة من جهل الحقّ له وارعوا به من غباوته، وهي طرف التفريط من فضيلة الحكمة، وعداوته وهو طرف الإفراط من فضيلة العدل ، وقد كانت الرذيلتان في أصحاب معاوية فإنّه لمّا قصرت وطئتهم عن وجه الحقّ وغلبت عليهم الشبهة بغوا وتعدّوا ولهجوا بعدوانهم، وروى عوض الغيّ العمى وهو عمى البصيرة وغباوتها. [17]
وتحدث الشيخ ميثم البحراني في مكان آخر عن أهمية المحافظة على الألفاظ الحسنة وأنها جزء من مكارم الأخلاق .
أخلاقية علي مع شاتميه :
قَالَ نَصْرٌ وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيّاً عليه السلام مَرَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِيهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُمْ يَشْتِمُونَهُ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَوَقَفَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ انْهَدُوا إِلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَسِيمَاءِ الصَّالِحِينَ وَوَقَارِ الْإِسْلَامِ ... ) [18]
| |
| | | الورد جوري المدير العام
عدد الرسائل : 370 العمل/الترفيه : المطالعه المزاج : تمام تاريخ التسجيل : 25/08/2008
| موضوع: رد: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الثلاثاء ديسمبر 23, 2008 7:16 am | |
|
الحرب الإعلامية أن عليا لا يصلي :
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ [ المرقال ] .....
فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَضَى فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيداً هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى رَأَى بَعْضَ مَا يُسَرُّونَ بِهِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَتًى شَابٌّ وَشَدَّ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ وَيَلْعَنُ وَيَشْتِمُ وَيُكْثِرُ الْكَلَامَ
فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَهُ الْخِصَامُ وَإِنَّ هَذَا الْقِتَالَ بَعْدَهُ الْحِسَابُ فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الْمَوْقِفِ وَمَا أَرَدْتَ بِهِ .
قَالَ فَإِنِّي أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُصَلِّي كَمَا ذُكِرَ لِي وَأَنَّكُمْ لَا تُصَلُّونَ ، وَأُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ قَتَلَ خَلِيفَتَنَا وَأَنْتُمْ وَازَرْتُمُوهُ عَلَى قَتْلِهِ
فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَمَا أَنْتَ وَابْنَ عَفَّانَ إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَقُرَّاءُ النَّاسِ حِينَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَخَالَفَ حُكْمَ الْكِتَابِ وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ هُمْ أَصْحَابُ الدِّينِ وَأَوْلَى بِالنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا أَظُنُّ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا أَمْرَ هَذَا الدِّينِ عَنَاكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ .
قَالَ الْفَتَى أَجَلْ وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَيَشِينُ وَلَا يَزِينُ .
فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ فَخَلِّهِ وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ
قَالَ أَظُنُّكَ وَاللَّهِ قَدْ نَصَحْتَنِي .
فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَأَمَّا قَوْلُكَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا لَا يُصَلِّي فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى لِلَّهِ مَعَ رَسُولِهِ (ص) وَأَفْقَهُهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأَوْلَاهُ بِرَسُولِ اللَّهِ ، وَأَمَّا مَنْ تَرَى مَعَهُ فَكُلُّهُمْ قَارِئُ الْكِتَابِ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ تَهَجُّداً فَلَا يَغْرُرْكَ عَنْ دِينِكَ الْأَشْقِيَاءُ الْمَغْرُورُونَ.
قَالَ الْفَتَى يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ امْرَأً صَالِحاً أَخْبِرْنِي هَلْ تَجِدُ لِي مِنْ تَوْبَةٍ .
قَالَ نَعَمْ تُبْ إِلَى اللَّهِ يَتُبْ عَلَيْكَ .
قَالَ فَذَهَبَ الْفَتَى رَاجِعاً
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ خَدَعَكَ الْعِرَاقِيُّ .
قَالَ لَا وَلَكِنْ نَصَحَنِي [19]
إن مثل هذه الحرب الإعلامية لم تختص بزمان أو مكان أو مذهب فإن من يقصي الطرف الآخر يستعمل مثل هذه الأساليب اللاأخلاقية .والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
[1] الكافي ج : 3 ص : 422 في الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .
[2] انظر وجوه القرآن للحيري .
[3] غريب القرآن للطريحي ص 555 .
[4] غريب القرآن للطريحي ص 555
[5] وذكر زيد بن حارثة في قضية الزواج .
[6] وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 103 وعنه في بحارا لأنوار ج : 32 ص : 399
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3 ص171
أعيان الشيعة ج 4 ص 569 وج 8 ص 376
الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة للسيد علي خان ص 423
وعند مستدرك الوسائل ج12 ص 305 ح14159
جامع أحاديث الشيعة ج15 ص 518 ح1667
نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ج2 ص104 وج6 ص 318
مستدركات علم الرجال للنمازي ج2 ص 253
[7] زيد في وقعة صفين ص 103 حتى يعرف الحق منهم من جهله ، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به .
[8] الظاهر سقطت كلمة [ وخيراً ] كما تقدت في رواية نصر بن مزاحم .
[9] كتاب الفتوح - لأحمد بن أعثم الكوفي - ج 2 - ص 543
[10] الأخبار الطوال - الدينوري - ص 165
[11] يبدو أن هذا العنوان بين المعقوفتين وضعه المحمودي محقق الكتاب .
[12] هنا سقطت كلمة [ وخيراً ]
[13] المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - ص 137
وقال المحمودي : وهذا الكلام رويناه عنه عليه السلام في المختار : ( 179 ) من كتاب نهج السعادة : ج 2 ص 104 ، ط 1 . ورواه أيضا السيد الرضي أعلى الله مقامه في المختار : ( 206 ) من نهج البلاغة . ورواه أيضا نصر بن مزاحم المنقري في أواسط الجزء الثاني من كتاب صفين ص 103 .
[14] نهج البلاغة : الخطبة 206 رقم 199، وفي النسخة المخطوطة لعام 469 هـ والنسخة الأخرى المخطوطة 494 هـ ( دماهم ) وفي نسختنا المخطوطة لعام 736 هـ في البداية : ( إنني )... ( البغي ) بدل الغي . وفيها في آخر الخطبة ( وتبعه خ ل ) بحار الأنوار : 32 / 561 / 466 .
[15] المولود في سنة 493 هـ والمتوفى 565 هت وكنب كتابه معارج نهج البلاغة سنة 552 هـ انظر ترجمته في مقدمة كنابه ( معارج نهج البلاغة ) ورياض العلماء ج 5 ص 448 ، خاتمة مستدرك الوسائل أعيان الشيعة ، طبقات أعلام الشيعة ، مجلة تراثنا عدد 37 .
[16] حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة، ج2، صفحة 182
[17] شرح نهج البلاغة (ابن ميثم)، ج 4 ص 13- 14
[18] بحار الأنوار ج : 32 ص : 506 رقم 434 عن وقعة صفين ص : 391
[19] بحار الأنوار ج 33 ص 36 عن وقعة صفين ص : 355
والف الف شكر اخي الفاضل عاشق
على طرح هذا الموضوع المثير للجدل والرائع
وجزاك الله خير الجزاء
تحيتي والياسمين
همسات الحنين
| |
| | | عاشق الحسين اكليل فعال
عدد الرسائل : 85 العمل/الترفيه : موظف تاريخ التسجيل : 07/09/2008
| موضوع: رد: مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية الثلاثاء يناير 13, 2009 2:23 pm | |
| اللهم صلى على محمد وال محمد
لايوم كيومك يا ابا عبد الله الغالية همسات شرفني تواصلك الرائع ومداخلاتك المميزة التي انرت بها متصفحي المتواضع لك مني كل الوود | |
| | | | مفهوم اللّعن وحكمته في القرآن الكريم والسنّة النبوية | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|